دور قطاع الطيران والخدمات اللوجستية في تسريع جهود التنويع الاقتصادي في المملكة العربية السعودية
ارتفع عدد المسافرين إلى المملكة شهرياً عن طريق الجو بنسبة 73% في يوليو 2024 مقارنةً بالفترة نفسها من عام 2019، مما يشير إلى المكانة المتصاعدة للمملكة كوجهة عالمية للسفر. وقد عزز افتتاح الوجهات السياحية العملاقة، مثل وجهة البحر الأحمر، أعداد زوار المملكة، بما يعكس أيضاً التزام المملكة بتنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط.
ومن المتوقع أن تصل مساحة السياحة إلى 10% من الناتج المحلي الإجمالي الوطني بحلول عام 2030، حيث يقوم صندوق الاستثمارات العامة، أحد أكبر صناديق الثروة السيادية في العالم، بتطوير مشاريع بنية تحتية كبيرة لدعم هذا الهدف.
وقال محمد عويز يوسف، رئيس الاستثمارات في قطاع الطيران والأمن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صندوق الاستثمارات العامة: "قطاع الطيران، والخدمات اللوجستية ككل، هو الركيزة الأساسية لمن يريد تنويع الاقتصاد والاستثمار في قطاعات أخرى، لذلك قمنا بتطوير استراتيجية الاستثمار في قطاع الطيران في صندوق الاستثمارات العامة لدعم هذه الأهداف الاقتصادية والاجتماعية الأوسع نطاقاً، ولتحقيق العوائد أيضاً."
المملكة تتصدر النمو السياحي بين اقتصادات مجموعة الـ 20

بوابة جديدة للعالم
تبدأ هذه الاستراتيجية مع تطوير مطارات جديدة ومراكز لوجستية أخرى. أحد أكبر هذه المشاريع هو مطار الملك سلمان الدولي، أحد مشاريع صندوق الاستثمارات العامة، ويشمل الصالات الحالية تحت مسمى صالات الملك خالد، وستة مدارج طيران. ويهدف المشروع إلى خدمة ما يصل إلى 120 مليون مسافر سنوياً بحلول عام 2030 و185 مليون مسافر بحلول عام 2050.
العديد من هؤلاء الوافدين سيزورون المملكة بغرض العمل أو الترفيه، ولكن عدداً كبيراً منهم سيكونون في رحلات عبور بين الشرق والغرب. ولتلبية هذا الطلب المتزايد، أطلق صندوق الاستثمارات العامة في عام 2023 شركة طيران الرياض، مع تكليفها بربط المملكة بـ 100 وجهة دولية بحلول عام 2030؛ ومن المقرر أن تبدأ رحلاتها في عام 2025. وسيستفيد الناقل الوطني الجديد من الموقع الجغرافي للمملكة بين آسيا وأفريقيا وأوروبا، مما سيمكن الرياض من أن تصبح بوابة للعالم.
وقال عويز يوسف: "لدى طيران الرياض بالفعل شراكات قوية مع خطوط دلتا الجوية، والخطوط الجوية السنغافورية، والخطوط الجوية الصينية، وغيرها من شركات الطيران الأجنبية. وقد استثمر صندوق الاستثمارات العامة أيضاً في شركة السعودية لهندسة الطيران، الرائدة في خدمات صيانة وإصلاح وتجديد الطائرات في المملكة. وأضاف يوسف: "للمحافظة على نمو حجم الركاب لدينا، نحتاج إلى التحول من عمليات الصيانة الأساسية العادية إلى الصناعة عالية المستوى".
يلتزم صندوق الاستثمارات العامة بالعمل على معالجة بعض التحديات الكبرى التي تواجه قطاع الطيران. ولعل أكبر هذه التحديات هو الاستدامة، حيث تلتزم شركات الطيران الأعضاء في الاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) بتحقيق الحياد الصفري في النقل الجوي بحلول عام 2050.
في أكتوبر 2024، وقّعت شركة طيران الرياض وشركة أرامكو السعودية للطاقة مذكرة تفاهم للتعاون المحتمل في مجالات مثل إمدادات الوقود منخفض الكربون والاستدامة. وقال يوسف: "نرغب في تحقيق الاكتفاء الذاتي في مجال الوقود البديل".
محمد عويز يوسف، رئيس الاستثمارات في قطاع الطيران والأمن في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في صندوق الاستثمارات العامة، يصرح: "نود أن نصبح مكتفين ذاتياً من حيث الوقود البديل."
كما أن خفض البصمة الكربونية للطيران أمر بالغ الأهمية لخطط المملكة العربية السعودية لتصبح مركزاً للتجارة العالمية. تشير توقعات اتحاد النقل الجوي الدولي إلى أن أسطول الشحن الجوي في العالم سينمو بنسبة تصل إلى 70% مع زيادة الطلب على التجارة الإلكترونية عبر الحدود. ولدعم ذلك، يهدف مطار الملك سلمان الدولي إلى أن تكون لديه القدرة على معالجة 3.5 مليون طن من البضائع بحلول عام 2050.
يستثمر صندوق الاستثمارات العامة أيضاً في شركة أفيليس، وهي شركة تأجير طائرات تجارية متكاملة الخدمات تأسست عام 2022. تعمل أفيليس، المملوكة بالكامل لصندوق الاستثمارات العامة، على تعزيز أسطولها المكوّن من طائرات الجيل الجديد، وقد استأجرت شركة طيران الهند إكسبريس من أفيليس ست طائرات بوينج 737-8 (التي تُعتبر إحدى الطائرات الأكثر كفاءة في استهلاك الوقود) من أفيليس كجزء من برنامج تحديث أسطولها.
تعمل البنية التحتية للطيران في المملكة والتقدم الذي أحرزته المملكة في مجال الوقود منخفض الكربون على إرساء أساس متين للوصول إلى الاقتصاد الدائري. هناك هدف وطني للسياحة وهي استحداث 1.6 مليون فرصة عمل بحلول عام 2030، كما أن ارتفاع الأجور يعزز الطلب على السفر. كما أشار عويز يوسف إلى أن هناك بالفعل ما يكفي من الطلب المحلي لنمو قطاع الطيران في المملكة ليكون مكتفياً ذاتياً، مشيراً إلى أن عدد السياح المحليين سيصل إلى 81.9 مليون سائح في عام 2023.

نموذج مختلف للخطوط الجوية الوطنية
التحول في مجال التقنية هو مفتاح هذه السوق السياحية المزدهرة. تعتمد شركة طيران الرياض على أحدث التقنيات من حجوزات الرحلات إلى الترفيه على متن الطائرات، ويوضح يوسف ذلك بالقول: "حتى بين شركات الطيران الأكثر ربحية، فإن أكبر مشكلة تواجهها هي أن بنيتها التحتية الرقمية تعتمد على اثنين من الموردين الأساسيين، ولكن من خلال بناء شركة طيران من الصفر، نأمل أن نتمكن من إلغاء ذلك وتحويل بنيتنا التحتية الرقمية إلى ميزة تنافسية بين شركات الطيران القديمة."
يتيح دمج الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية في تجربة الرحلات الجوية للمسافرين مزيداً من التحكم في رحلاتهم، مما يسمح لهم بتنظيم رحلات السفر أو الإقامة بناءً على معلومات الرحلات المحدثة. وهذا لن يعود بالنفع على سمعة طيران الرياض فحسب، بل الأهم من ذلك أنه سيضمن مستويات الكفاءة اللازمة لتحويل مدينة الرياض إلى مركز عالمي للأعمال.
يقول توني دوغلاس، الرئيس التنفيذي لطيران الرياض: "هدفنا هو تقديم مستوى من الخدمة والابتكار وتجربة سفر تجذب المسافرين من جميع أنحاء العالم، إن تخطيطنا للمسارات بشكل يعتمد على البيانات يحدد الأسواق التي لا تحظى بخدمات كافية مع ارتفاع الطلب على السفر من الرياض وإليها، وكذلك واحتياجات السفر التي لم تتم تلبيتها، مما يضمن لنا ربط العاصمة بالوجهات التجارية والسياحية العالمية الرئيسية."
ولتحسين هذا الربط، يستثمر صندوق الاستثمارات العامة أيضاً في مجال النقل المؤسسي. فقد فقد وقعت شركة الطائرات المروحية، التي تعمل منذ عام 2019، صفقة في فبراير 2024 لشراء ما يصل إلى 120 طائرة مروحية من طراز إيرباص لتوفير التنقل الجوي داخل المملكة. وسيدعم هذا الأسطول الجديد أيضاً عمليات الشركة الأوسع نطاقاً، والتي تشمل الخدمات الطبية الطارئة وحتى منح المشجعين رؤية جوية لسباق الجائزة الكبرى للفورمولا 1 في جدة.
توني دوغلاس، الرئيس التنفيذي لشركة لطيران الرياض: " تخطيطنا للمسارات بشكل يعتمد على البيانات، يحدد الأسواق التي لا تحظى بخدمات كافية مع ارتفاع الطلب على السفر من الرياض وإليها، وكذلك احتياجات السفر التي لم تتم تلبيتها، مما يضمن لنا ربط العاصمة بالوجهات التجارية والسياحية العالمية الرئيسية."
ومع اقتراب موعد استضافة المملكة لمعرض إكسبو الدولي 2030 وكأس العالم لكرة القدم 2034، ستكون روابط الطيران محركاً بالغ الأهمية وبارزاً للغاية في اقتصاد المملكة. أضاف توني دوغلاس: "يحقق الطيران التجاري مكاسب اقتصادية ثانوية، وله تأثير مضاعف."

إن عدد الأشخاص الذين يريدون أن يكونوا جزءاً من تحول قطاع الطيران في المملكة قد فاجأ حتى توني دوغلاس، الذي قال: "منذ إطلاق موقع riyadhair.com وصفحة التقديم للوظائف قبل 18 شهراً، استقبلنا 1.4 مليون متقدم من 143 جنسية مختلفة، وهذا أمر لا يصدق. وأفضل ما يمكنني تقديمه كتفسير منطقي هو أن الشركة في المملكة. فطيران الرياض مملوكة بنسبة 100% لصندوق الاستثمارات العامة، وهذا يعني أن الأمر سيحدث بالتأكيد".
يطمح صندوق الاستثمارات العامة إلى تحسين الربط الجوي ورفع نسبة سفر رجال الأعمال والسياح من وإلى المملكة، كما أن الوصول إلى سفر جوي نظيف والخدمات اللوجستية سيعزز الطلب على مشغلي الشحن في المملكة، وقطاع الصيانة والإصلاح والتجديد وخدمات تأجير الطيران. وسيؤدي الجمع بين كل هذه العناصر معاً إلى نمو المملكة، مما يساعد في تنويع الاقتصاد الوطني ووضع معايير جديدة لقطاع الطيران محلياً ودولياً.
إنتاج أستوديو EI Studios لصالح صندوق الاستثمارات العامة، وقد نشرت على "إيكونوميست" في 20 ديسمبر 2024
-
شبكة أخبار الصندوق
06 أكتوبر 2025 تأثير الصندوق: رسم خريطة النمو في المملكة العربية السعودية والعالم
-
شبكة أخبار الصندوق
25 يونيو 2025 المدن المبتكرة تقدّم مفهوماً جديداً لتعزيز تجربة التنقل في المملكة العربية السعودية -
-
شبكة أخبار الصندوق
12 مايو 2025 الفخامة والاستدامة تجتمعان في أبرز وجهات الرفاهية في المملكة العربية السعودية -
شبكة أخبار الصندوق
29 أبريل 2025 كيف يساهم صندوق الاستثمارات العامة في تشكيل مستقبل قطاع التعدين في المملكة العربية السعودية